الاجتماع و الامتناع

الاجتماع و الامتناع در اصطلاح

الاجتماع و الامتناع
لا إشكال عند العقل في عدم جواز صدور أمر و نهي من الحكيم يتعلقان بفعل واحد له عنوان واحد في زمان واحد. فلا يجوز له أن يأمر عبده بإكرام زيد و ينهاه عن إكرامه، أو يأمره بشرب العصير و ينهاه عن شربه في زمان واحد. و لكن قد وقع الاختلاف بين الأعلام في إمكان تعلق الحكمين كذلك بواحد ذي عنوانين، فيأمر به بعنوان و ينهى عنه بعنوان آخر كالأمر بالصلاة في الدار المغصوبة بعنوان الصلاة و النهي عنها بعنوان الغصب. فذهب فريق من الأعلام إلى الجواز و إمكان كون الواحد ذي الوجهين مأمورا به و منهيا عنه. فإن متعلقيهما حينئذ و إن كانا متحدين وجودا إلا أنهما متعددان عنوانا، و تعدد العنوان مستلزم لتعدد المعنون عقلا، فالموجود المتراءى في نظر أهل العرف واحدا يكون بنظر العقل متعددا فهو وجود واحد عرفا و وجودان عقلا، فعل واحد ظاهرا و فعلان واقعا، فلا مانع من تعلق الأمر به بعنوان و النهي عنه بعنوان آخر، و يترتب عليه آثارهما من حصول الإطاعة و استحقاق المثوبة بالنسبة إلى الأمر، و المعصية و استحقاق العقوبة بالنسبة إلى النهي فسمي هذا المبنى بالاجتماع و القائلون بذلك بالاجتماعيين. و ذهب آخرون إلى الامتناع عقلا و أن اتحاد متعلق الأمر و النهي خارجا يستلزم اجتماع الضدين، أعني تعلق إرادة الآمر و كراهته بالنسبة إلى فعل واحد و هو مستحيل، و لا ينفع في ذلك تعدد العنوان، فإن كثرة الاسم لا يجعل المسمى متكثرا و يسمى هذا المبنى بالامتناع و القائلون به بالامتناعيين. تنبيهان: الأول: قد علم مما ذكرنا أن وجه الإشكال في المسألة هو لزوم المحذور العقلي في ناحية الحكيم الصادر عنه الحكم، فالقائل بالامتناع يدعي استحالة توجيه الحكمين على النحو المذكور لاستلزامه اجتماع الإرادة و الكراهة في نفس المولى مع تعلقهما بفعل واحد في زمان واحد، فالمحذور هو كون نفس التكليف محالا، لا أنه يلزم التكليف بالمحال فإنه على فرض لزومه في بعض الموارد محذور آخر. الثاني: العنوانان المتعلقان للأمر و النهي المنطبقان على وجود واحد يتصوران على أقسام ثلاثة. أولها: أن يكون بينهما التساوي في الصدق كما إذا قال جئني بالضاحك، و قال لا تجئ بالكاتب. ثانيها: أن يكون بينهما العموم من وجه كما إذا قال صل و لا تغصب. ثالثها: أن يكون بينهما العموم المطلق كما إذا قال جئني بحيوان و قال لا تجئ ببقر. و الظاهر أن في موارد التصادق في الجميع يجري نزاع الاجتماع و الامتناع، فيقول المجوز أنه لا محذور عقلي من ناحية المولى في تعلق التكليفين بمورد الاجتماع و إن كان المانع من ناحية العبد موجودا في القسم الأول، فإنه لا قدرة له لو أراد الامتثال التام بإتيان المأمور به و ترك المنهي عنه للتلازم بينهما في الوجود، فعدم جواز القسم الأول لدى الاجتماعي إنما هو للزوم التكليف بالمحال لا التكليف المحال بنفسه، بخلاف القسمين الأخيرين فإنه يمكن للمكلف امتثال كلا التكليفين، فإن صلى في غير الغصب و ترك الغصب أطاع الأمر و امتثل النهي و إن صلى فيه كان ذلك إطاعة و عصيانا. فعلم من ذلك أنه لا تعارض عندهم بين دليلي صل و لا تغصب حتى يخصص أحدهما بالآخر أو يتساقطا فيرجع إلى الأصول العملية، و كذا لا تعارض بين قوله جئني بحيوان و لا تجئ ببقر حتى يخصص الأول بالثاني لعدم اجتماعهما حقيقة في مورد واحد. و أما الامتناعي فالقسم الأول عنده باطل من وجهين و القسم الثاني داخل في المتعارضين و الثالث في الجمع الدلالي. / (إصطلاحات الأصول و معظم أبحاثها , ج1 , ص15)