أوّلاً - التعريف: الإعمار لغة يأتي على معانٍ: 1 - إيجاد العمران، يقال: أعمرت الأرض و جعلتها عامرة و أعمره المكان جعله يعمره . 2 - إنّه نوع من الهبة، بمعنى أن يدفع داراً أو أرضاً أو إبلاً لغيره مدّة عمره، يقال: أعمر فلاناً داراً جعلها له على سبيل العمرى، و هو ما تجعله للرجل طول عمره، و يعبّر عنه ب (العمرى) . 3 - أن يجعل غيره يعتمر، يقال: أعمرت الرجل إعماراً جعلته يعتمر، و أعانه على أداء العمرة . و قد استعمله الفقهاء في المعاني الثلاثة أيضاً. ثانياً - الحكم الإجمالي و مواطن البحث: تعرّض الفقهاء للأحكام المرتبطة بالإعمار في أبواب مختلفة نشير إلى بعضها: 1 - إعمار الأرض: صرّح عدة من الفقهاء باستحباب إعمار الأرض ، و ظاهر المحقّق النجفي اتفاق الاُمّة عليه .و هو ما يعني حثّ الشريعة على الإحياء الزراعي و استثمار الأراضي في الانتاج الزراعي، فالزراعة كما يظهر من الروايات و سيرة المتشرعة و العقلاء مستحبّة بما هي عمل خارجي . و قد يستدلّ له بخصوص خبر جابر عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم: «من أحيا أرضاً ميتة فله فيها أجر، و ما أكلت الدوابّ منه فهو له صدقة» .و بالعمومات الدالّة على استحباب طلب الرزق، و بأنّ الإحياء إخراج للعاطل من العطلة المشتملة على تضييع المال الممنوع شرعاً، و صرف لها في ما خلقت له و هو الانتفاع كما في قوله تعالى: «خَلَقَ لَكُمْ مٰا فِي اَلْأَرْضِ جَمِيعاً» .و بالأخبار الواردة في فضل الحرث و الزرع و الغرس و السقي و هي كثيرة: منها: خبر الواسطي قال: سألت جعفر ابن محمّد عليه السلام عن الفلّاحين فقال: «هم الزارعون، كنوز اللّٰه في أرضه، و ما في الأعمال شيء أحبّ إلى اللّٰه من الزراعة، و ما بعث اللّٰه نبيّاً إلّا زرّاعاً، إلّا إدريس عليه السلام فإنّه كان خيّاطاً» . و منها: خبر يزيد بن هارون قال: سمعت أبا عبد اللّٰه عليه السلام يقول: «الزارعون كنوز الأنام، يزرعون طيّباً أخرجه اللّٰه عزّ و جلّ، و هم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً، و أقربهم منزلة، يُدعون المباركين» . و منها: حديث الإمام علي عليه السلام قال: «إنّ معايش الخلق خمسة: الإمارة و العمارة و التجارة و...و أمّا وجه العمارة فقوله تعالى: «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ اَلْأَرْضِ وَ اِسْتَعْمَرَكُمْ فِيهٰا» فأعلَمنا سبحانه أنّه قد أمرهم بالعمارة ليكون ذلك سبباً لمعايشهم بما يخرج من الأرض من الحبّ و الثمرات و ما شاكل ذلك...» . و يتحقّق إعمار الأرض الميتة بتقليب ترابها و إعدادها للانتفاع الزراعي أو البنائي، كما يتحقّق إعمار العين في الأرض بأن يحفر الأرض حتى ينبع ماء العين سواء نبع قليلاً أم كثيراً. (انظر: إحياء الموات) 2 - إعمار ما يصحّ وقفه: يصحّ إعمار كلّ ما يصحّ وقفه و لا يبطل بالبيع، و للساكن بالإطلاق السكنى بولده و أهله لا غير، إلّا مع الشرط، و ليس له أن يؤجر ؛ و ذلك لعموم الأدلّة، و لخصوص صحيح محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام «أنّ أمير المؤمنين عليه السلام قضى في العمرى أنّها جائزة لمن أعمرها...» . (انظر: عمرى) / (موسوعة الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل البیت علیهم السلام , ج15 , ص166)