أوّلاً - التعريف: لغة: الإغلاق: مصدر أغلق، يقال: أغلق الباب، إذا سدّه بالمغلاق، و المغلاق: ما يغلق به الباب و يوثق به . و جاء بمعنى الإكراه؛ لأنّ المكره مغلق عليه في أمره و مضيّق عليه في تصرّفه كأنّه يغلق عليه الباب . اصطلاحاً: و ليس لدى الفقهاء معنى خاص للإغلاق غير المعنى اللغوي الأوّل. نعم، قد يستعملونه في غير الحسّيات، فنجدهم يقولون: كلام مغلق، أو في العبارة إغلاق، أي أنّها لعدم وضوحها كأنّها مغلقة غير منفتحة. أمّا المعنى الثاني فيستخدمون له الإكراه و الإلجاء و نحو ذلك من العناوين التي تراجع أحكامها في هذه المصطلحات. ثانياً - الحكم الإجمالي و مواطن البحث: تعرّض الفقهاء للأحكام المرتبطة بالإغلاق في مواضع مختلفة من الفقه، نشير إليها إجمالاً فيما يلي: 1 - إغلاق الباب على الصيد: تحدّث الفقهاء عن مسألتين في إغلاق الباب في الصيد، إحداهما تتصل بالإحرام و الحرم، و الثانية ترتبط بالصيد نفسه: أ - الصيد بالإغلاق في الإحرام أو الحرم: يحرم صيد البرّ إذا كان الإنسان محرماً، سواء كان إحرامه للحجّ أو للعمرة، و سواء كان في الحلّ أو في الحرم. و كذلك إذا كان الصيد في الحرم يحرم صيده حتى بالنسبة إلى المحلّ. و هذا قد يكون بالمباشرة، بأن يباشر الصيد بنفسه، و قد يكون بالتسبيب، و قد جعلوا من قسم التسبيب إغلاق الباب على الصيد، و لهذا حكموا بحرمة الإغلاق على الصيد أيضاً . و يترتّب الضمان على الإغلاق، فلو أغلق باباً على حمام الحرم و له فراخ و بيض، فإن أرسلها سليمة فلا ضمان، و إلّا ضمن المحرم الحمامة بشاة، و الفرخ بحمل، و البيضة بدرهم، و المحلّ الحمامة بدرهم، و الفرخ بنصفه، و البيضة بربعه ، و يجتمعان على من جمع الوصفين . و قيّد غير واحد من الفقهاء هذه الأحكام بصورة هلاك الصيد بعد الإغلاق عليه . و استدلّ على الضمان مع الهلاك بصدق الإتلاف المحرّم الذي يترتّب عليه ذلك بالنسبة إلى المحرم و المحلّ في الحرم ، مضافاً إلى خبر يونس أو موثّقه، سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض، فقال: «إن كان أغلق عليها قبل أن يُحرم فإنّ عليه لكلّ طير درهماً، و لكلّ فرخ نصف درهم، و البيض لكلّ بيضة ربع درهم، و إن كان أغلق عليها بعد ما أحرم فإنّ عليه لكلّ طائر شاة، و لكلّ فرخ حملاً، و إن لم يكن تحرّك فدرهم، و للبيض نصف درهم» . لكن نقل عن بعض الفقهاء القول باستقرار الضمان بنفس الإغلاق و لو مع السلامة؛ نظراً إلى ظاهر الخبر المتقدّم حيث لم يقيّد الضمان بحالة الهلاك . و نوقش فيه بأنّ الإغلاق مع السلامة أولى بعدم الضمان من الرمي مع عدم الإصابة و من الأخذ ثمّ الإرسال، فلا بدّ من حمل الخبر على حال الهلاك بقرينة ما ورد في بعض الروايات من فرض الموت بعد الإغلاق . و قد احتاط بعضهم بالعمل بالإطلاق و الحكم بالضمان بالإغلاق، سواء هلك الحمام أم لا . (انظر: إحرام، حرم) ب - ملكية الصيد بإغلاق الباب عليه: لا إشكال في أنّ الصيد يملك بالاصطياد، و أمّا لو أغلق عليه باباً و لا مخرج له، فهل يملكه بذلك أو لا؟ قوّى الشهيد الثاني الملكية بذلك؛ نظراً إلى أنّ الإغلاق بمنزلة القبض في اليد، حيث قد أبطل امتناعه.و بقاء قدرته على التخلّص بتقدير فتح الباب في معنى قدرته على التخلّص و هو في الشبكة على تقدير فتحها عنه، فلا فرق بينه و بين الاصطياد . و قال أيضاً: «و لو قصد ببناء الدار إحباس الصيد أو تعشيشه...ففي الملك به وجهان، من انتفاء كون ذلك آلةً للاصطياد عادةً، و كونه مع القصد بمعناه، و هو الأقوى، و يملك الصيد بإثباته بحيث يسهل تناوله و إن لم يقبضه بيده أو بآلته» . و استشكل في ملكيّته بذلك جماعة . قال المحقّق الحلّي: «و لعلّ الأشبه أنّه لا يملك هنا إلّا مع القبض باليد أو الآلة» . و كذلك قوّى عدم الملكية فخر المحقّقين و نقل عن والده - العلّامة الحلّي - أنّه قال: إنّه يصير بذلك أولى به . و استدلّ له بالأصل المقتصر في الخروج منه على المتيقّن، و هو الاصطياد بالآلة المعتادة . (انظر: صيد) 3 - السرقة من المكان المغلق: ذكر الفقهاء أنّ من شرائط إجراء حدّ السرقة هو الأخذ من الحرز، و هو ما يعدّ في العرف حرزاً كالموضع الذي عليه باب مغلق، أو ما كان مقفلاً أو مغلقاً أو مدفوناً .على تفصيلات عندهم في ذلك. (انظر: حرز، سرقة) 4 - بيع الدار و ما أغلق عليه بابها: لو باع أرضاً أو داراً لم يدخل في المبيع النخل و الشجر و غير ذلك ممّا فيها، إلّا أن يشترط ذلك أو يبيعها بما أغلق عليه بابها، فيدخل فيه كلّ ذلك . و ذلك لخبر محمّد بن الحسن الصفّار: أنّه كتب إلى أبي محمّد العسكري عليه السلام: في رجل اشترى من رجل أرضاً بحدودها الأربعة، و فيها زرع و نخل و غيرهما من الشجر، و لم يذكر النخل و لا الزرع و لا الشجر في كتابه، و ذكر فيه أنّه قد اشتراها بجميع حقوقها الداخلة فيها و الخارجة منها، أ يدخل الزرع و النخل و الأشجار في حقوق الأرض أم لا؟ فوقّع عليه السلام: «إذا ابتاع الأرض بحدودها و ما أغلق عليه بابها فله جميع ما فيها إن شاء اللّٰه» . (انظر: بيع) 5 - إغلاق الزوج الستر على زوجته: لا إشكال في أنّ الزوجة إذا مكّنت الزوج من نفسها و دخل بها استقرّ عليه المهر، و ثبتت عليها العدّة لو طلّقها. و أمّا لو أغلق عليها الباب و اختلى بها و أرخى الستر، ثمّ اختلفا في الدخول و عدمه و لم يثبت ذلك شرعاً، فهل يستقرّ عليه المهر و تثبت عليها العدّة إذا طلّقها بعد ذلك أم لا؟ نسب إلى المشهور عدم الوجوب ، و القول الآخر هو الوجوب، إلّا أنّه لا يجوز للزوجة أن تأخذ أكثر من النصف إذا كانت عالمة بعدم الدخول . (انظر: عدّة، مهر) و هناك معانٍ مجازية للإغلاق، قد ترد في أبحاث الفقهاء، مثل إغلاق الحاكم أو السلطان أبوابه أمام الناس، في تعبير بليغ عن عدم سماعه لهم و عدم قدرتهم على الوصول إليه و الشكاية عنده عليه أو على أعوانه. (انظر: ولاية) و كذلك الإغلاق في الكلام بحيث لا يتسنّى للمتكلم الحديث بطلاقة، و هذا ما بحث عندهم في الصلاة و الجماعة و نحو ذلك ضمن عناوينها الخاصة، فانظر: (صلاة، صلاة الجماعة). / (موسوعة الفقه الإسلامي طبقا لمذهب أهل البیت علیهم السلام , ج15 , ص203)